الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.(بَابُ الْوَلَاءِ وَجَرِّهِ وَدَوْرِهِ): الْوَلَاءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ لُغَةً الْمِلْكُ وَشَرْعًا ثُبُوتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِعِتْقٍ أَوْ تَعَاطِي سَبَبِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَمَعْنَى الْوَلَاءِ إذَا أَعْتَقَ نَسَمَةً) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (صَارَ لَهَا عَصَبَةٌ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِ التَّعَصُّبِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ) كَالِابْنِ وَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ وَقَوْلُهُ (مِنْ الْمِيرَاثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْعَقْلِ) إذَا جَنَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالنَّفَقَةِ بَيَانٌ لِأَحْكَامِ التَّعْصِيبِ.(قَالَهُ فِي الْمَطْلَعِ وَ) قَالَهُ (الزَّرْكَشِيّ) وَقَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ مُتَعَلِّقٌ بِصَارَ، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ حَتَّى مَعَ وُجُودِهِ، لَكِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِهِ عَنْ الْمِيرَاثِ.وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ» وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ الْوَلَاءُ عَنْ النَّسَبِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَفِيهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ شَبَّهَهُ بِالنَّسَبِ وَالْمُشَبَّهُ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَلِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ وَتَرْكُ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْوَلَاءِ.إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَكُلُّ مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا، أَوْ) أَعْتَقَ (بَعْضَهُ فَسَرَى) الْعِتْقُ (عَلَيْهِ) إلَى بَاقِيه عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ.(وَلَوْ) كَانَ أَعْتَقَهُ (سَائِبَةً وَنَحْوَهَا كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُك سَائِبَةً، أَوْ) أَعْتَقْتُك (وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَزُولُ نَسَبُ إنْسَانٍ، وَلَا وَلَدٌ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ لَا يَزُولُ وَلَاءٌ عَنْ عَتِيقٍ بِهِ وَلِذَلِكَ لَمَّا «أَرَادَ أَهْلُ بَرِيرَةَ اشْتِرَاطَ وَلَائِهَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» يُرِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ تَحْوِيلِ الْوَلَاءِ عَنْ الْمُعْتَقِ، لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَرَوَى مُسْلِمٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنِّي أَعْتَقْت عَبْدًا لِي وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً، فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ فَإِنْ تَأَثَّمْت وَتَحَرَّجْت عَنْ شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ وَنَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ» (أَوْ) كَانَ الْمُعْتَقُ (مَنْذُورًا، أَوْ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُ مُعْتِقٌ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ (أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِرَحِمٍ) كَمَا لَوْ مَلَكَ أَبَاهُ، أَوْ وَلَدَهُ، أَوْ أَخَاهُ، أَوْ عَمَّهُ وَنَحْوَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الرَّحِمِ أَيْ الْقَرَابَةِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (تَمْثِيلٍ بِهِ) بِأَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (كِتَابَةٍ) بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ فَأَدَّاهُ.(وَلَوْ أَدَّى) الْمُكَاتَبُ (إلَى الْوَرَثَةِ) مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ وَعَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِلْمَوْرُوثِ يَرِثُ بِهِ أَقْرَبَ عَصَبَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (تَدْبِيرٍ) بِأَنْ دَبَّرَهُ، فَمَاتَ وَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (إيلَادٍ) كَأَنْ أَتَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ أَبُو الْوَلَدِ (أَوْ) بِسَبَبِ.(وَصِيَّةٍ بِعِتْقِهِ) بِأَنْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِهِ، فَأَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ (أَوْ بِتَعْلِيقِ) عِتْقِهِ (بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: إذَا جَاءَ رَأْسُ السَّنَةِ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَجَاءَ رَأْسُ السَّنَةِ وَنَحْوُهُ (أَوْ) يُعْتِقُهُ (بِعِوَضٍ) نَحْوَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِوَضِ حَالٍ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ (أَوْ حَلَفَ) لِلسَّيِّدِ (بِعِتْقِهِ فَحَنِثَ فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَتِيقِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ (الْوَلَاءُ وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.(وَ) لَهُ أَيْضًا الْوَلَاءُ (عَلَى أَوْلَادِهِ) أَيْ أَوْلَادِ الْعَتِيقِ (مِنْ زَوْجَةٍ مُعْتَقَةٍ) لِلْعَتِيقِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ (سُرِّيَّةٍ) لِلْعَتِيقِ.(وَ) لَهُ الْوَلَاءُ أَيْضًا (عَلَى مَنْ لَهُ) أَيْ الْعَتِيقِ وَلَاؤُهُ كَعُتَقَائِهِ (أَوْ لَهُمْ) أَيْ لِأَوْلَادِ الْعَتِيقِ وَإِنْ سَفَلُوا.(وَلَاؤُهُ كَمُعْتَقِيهِ وَمُعْتَقِي أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَمُعْتَقَيْهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا) لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ وَبِسَبَبِهِ عَتَقُوا، وَلِأَنَّهُمْ فَرْعٌ وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ أَصْلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهُمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ مُشَبَّهٌ بِالنَّسَبِ وَالنَّسَبُ ثَابِتٌ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ (لَا يَزُولُ) الْوَلَاءُ (بِحَالٍ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ».(وَيَرِثُ) ذُو الْوَلَاءِ (بِهِ) أَيْ بِالْوَلَاءِ (وَلَوْ بَايَنَهُ فِي دِينِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ وَ) عِنْدَ (عَدَمِ ذَوِي فُرُوضٍ تَسْتَغْرِقُ فُرُوضُهُمْ الْمَالَ) لِحَدِيثِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَالْوَلَاءُ دُونَ النَّسَبِ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِهِ فَقُدِّمَتْ الْعَصَبَةُ مِنْ النَّسَبِ عَلَى الْعَصَبَةِ مِنْ الْوَلَاءِ، وَتَقَدَّمَ.(وَإِنْ كَانَ ذُو الْفَرْضِ لَا يَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ) كَأُمٍّ وَبِنْتٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (فَالْبَاقِي لِلْمَوْلَى) لِحَدِيثِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ».(ثُمَّ يَرِثُ بِهِ) أَيْ الْوَلَاءِ (عَصَبَاتُهُ) أَيْ الْمُعْتَقُ (مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ كَقَتْلٍ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْمُعْتَقِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَصَبَةُ وَلَدًا أَوْ أَبًا أَوْ أَخًا أَوْ عَمَّا أَوْ غَيْرَهُمْ مِنْ الْعَصَبِيَّاتِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتَقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ كَانَ الْمِيرَاثُ لِمَوْلَى الْمُعْتَقِ، ثُمَّ لِعَصَبَاتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَذَلِكَ، ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ كَذَلِكَ أَبَدًا اتِّفَاقًا، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ «أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ ابْنًا لَهَا وَأَخَاهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ مَوْلَاهَا مِنْ بَعْدِهَا فَأَتَى أَخُو الْمَرْأَةِ وَابْنُهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ أَخُوهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَرَّ جَرِيرَةً كَانَتْ عَلَيَّ وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِهَذَا قَالَ نَعَمْ».(فَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا فَخَلَّفَ الْمُسْلِمُ الْعَتِيقُ ابْنًا لِسَيِّدِهِ كَافِرًا وَعَمًّا مُسْلِمًا فَمَا لَهُ) وَمُخَالَفَتُهُ لَهُ فِي الدِّينِ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِإِرْثِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.(وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرُّ الْأَصْلِ أَمَةً فَعَتَقَ وَلَدُهَا عَلَى سَيِّدِهَا) بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ، أَوْ سَبَبٍ (فَلَهُ) أَيْ سَيِّدِهَا (وَلَاؤُهُ) لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ لَهُ.(وَمَنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ الْحُرَّيْنِ حُرَّ الْأَصْلِ وَلَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ) وَالْآخَرُ عَتِيقٌ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ لِأَنَّ الْأُمَّ إنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَالْوَلَدُ يَتْبَعُهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا فِي انْتِفَاءِ الرِّقِّ وَالْوَلَاءِ، فَلَأَنْ يَتْبَعَهَا فِي انْتِفَاءِ الْوَلَاءِ وَحْدَهُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حُرَّ الْأَصْلِ فَالْوَلَدُ يَتْبَعُهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِمَوْلَى أَبِيهِ فَلَأَنْ يَتْبَعَهُ فِي سُقُوطِ الْوَلَاءِ عَنْهُ أَوْلَى (أَوْ كَانَ أَبُوهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَأُمُّهُ عَتِيقَةً أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ وَأَبُوهُ عَتِيقًا (فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ) لِأَحَدٍ، لِأَنَّ مَجْهُولَ النَّسَبِ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ أَشْبَهَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْوَلَاءِ، فَلَا يُتْرَكُ هَذَا الْأَصْلُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ بِالْوَهْمِ كَمَا لَمْ يُتْرَكْ فِي حَقِّ أَصْلِهِ.(وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ) أَوْ أَمَتَهُ (عَنْ مَيِّتٍ أَوْ) أَعْتَقَهُ عَنْ (حَيٍّ بِلَا أَمَرَهُ: فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَكَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَهُ (إلَّا إذَا أَعْتَقَ وَارِثٌ عَنْ مَيِّتٍ) يَرِثُهُ (فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ وَ) كَفَّارَةِ وَطْءِ نَهَارِ (رَمَضَانَ وَ) كَفَّارَةِ (قَتْلٍ) وَيَمِينٍ.(وَلَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (تَرِكَةٌ فَيَقَعُ) الْعِتْقُ (عَنْ الْمَيِّتِ وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ) لِمَكَانِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَهُوَ احْتِيَاجُ الْمَيِّتِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ كَالنَّائِبِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ فَكَانَ الْعِتْقُ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الدُّخُولُ فِي مِلْك الْمُكَفَّرِ عَنْهُ.(فَإِنْ تَبَرَّعَ) وَارِثٌ (بِعِتْقِهِ عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ (وَلَا تَرِكَةَ) لِلْمَيِّتِ (أَجْزَأَ) الْعِتْقُ (عَنْهُ) كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِ (إطْعَامٍ) أَوْ (كِسْوَةٍ) فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ (وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَإِذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْ يَمِينٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ وَلَهُ الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِمَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ يُعْتِقُ عَنْ الْمَيِّتِ أَجْزَأَ وَلِمُتَبَرِّعِ الْوَلَاءِ.(وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ حَيٍّ (بِأَمْرِهِ) لَهُ بِإِعْتَاقِهِ (فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ) كَمَا لَوْ بَاشَرَ.(وَإِذَا قَالَ) إنْسَانٌ لِآخَرَ (أَعْتِقْ عَبْدَك) أَوْ أَمَتَك (عَنِّي مَجَّانًا أَوْ) أَعْتِقْ رَقِيقَك عَنِّي وَ(عَلَيَّ ثَمَنُهُ أَوْ) قَالَ (أَعْتِقْهُ عَنِّي وَيُطْلِقُ) فَلَمْ يَقُلْ مَجَّانًا وَلَا عَلَيَّ ثَمَنُهُ (فَفَعَلَ) الْمَقُولُ لَهُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْقَائِلِ) وَوَقَعَ الْمِلْكُ وَالْعِتْقُ مَعًا، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَطْعِمْ عَنِّي أَوْ اُكْسُ عَنِّي (وَيُجْزِئُهُ) أَيْ يُجْزِئُ هَذَا الْعِتْقُ الْقَائِلَ (عَنْ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَالْمُرَادُ إذَا نَوَاهُ (مَا لَمْ يَكُنْ) الْعِتْقُ (مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلُ إذَا مَلَكَهُ، كَأَبِيهِ وَنَحْوِهِ يُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ وَيَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ.(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْقَائِلَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي (ثَمَنُهُ) أَيْ الْعَتِيقِ (إلَّا بِالْتِزَامِهِ) بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَصَحَّ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ فِي الْإِجَازَةِ.(وَإِنْ قَالَ) إنْسَانٌ لِمَالِكِ رَقِيقٍ (أَعْتِقْهُ وَالثَّمَنُ عَلَيَّ) وَلَمْ يَقُلْ أَعْتِقْهُ عَنِّي (أَوْ) قَالَ (أَعْتِقْهُ عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ صَحَّ) الْعِتْقُ.(وَالثَّمَنُ عَلَيْهِ) لِالْتِزَامِهِ لَهُ فَقَدْ جَعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى إعْتَاقِ عَبْدِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ، كَمَا لَوْ قَالَ ابْنِ لِي هَذَا الْحَائِطَ بِدِينَارٍ (وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ وَلَا قَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي صَرْفَهُ إلَيْهِ فَبَقِيَ الْمُعْتِقُ لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (وَيُجْزِيه) أَيْ يُجْزِي هَذَا الْعِتْقُ الْمُعْتِقَ (عَنْ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ.(وَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إجَابَةُ مَنْ قَالَ) لَهُ (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي) أَوْ عَنْك (وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْهُ عَلَى كَذَا فَلَغْوٌ.(وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ لِشَخْصٍ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ (أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ) أَيْ فَأَعْتَقَهُ عَنْ الْكَافِرِ (صَحَّ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ زَمَنًا يَسِيرًا وَلَا يَتَسَلَّمُهُ، فَاغْتُفِرَ هَذَا الضَّرَرُ الْيَسِيرُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأَبَدِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا نَفْعٌ عَظِيمٌ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِهَا يَصِيرُ مُتَهَيِّئًا لِلطَّاعَاتِ وَكَمَالِ الْقُرُبَاتِ (وَعَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلْكَافِرِ وَيَرِثُهُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ «الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ» فَلَمْ يَضُرَّ تَبَايُنُ الدِّينِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ بِالنَّسَبِ (كَالْمُسْلِمِ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ مُسْلِمٌ لِآخَرَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ..(فَصْلٌ): النِّسَاءُ لَا يَرِثن بِالْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ: (وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ) أَيْ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ (أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ) أَيْ أَوْ عَتِيقُ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ.(وَأَوْلَادَهُمَا) أَيْ أَوْلَادَ عَتِيقِهِنَّ (وَمَنْ جَرُّوا) أَيْ النِّسَاءُ وَعَتِيقُهُنَّ وَعَتِيقُ عَتِيقِهِنَّ وَأَوْلَادُهُمَا (وَلَاءَهُ) بِعِتْقِ أَبِيهِ (أَوْ كَاتَبْنَ) فَأَدَّى وَعَتَقَ (أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ) مَنْ كَاتَبَهُ مِنْ النِّسَاءِ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ «مِيرَاثُ الْوَلَاءِ لِلْكِبَرِ مِنْ الذُّكُورِ وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقْنَ» وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ مُشَبَّهٌ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْلَى الْعَتِيقُ مِنْ الْمَوْلَى الْمُنْعِمِ بِمَنْزِلَةِ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ، فَوَلَدُهُ مِنْ الْعَتِيقِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ أَخِيهِ أَوْ وَلَدِ عَمِّهِ وَلَا يَرِثُ مِنْهُمْ إلَّا الذُّكُورُ خَاصَّةً.(وَلَا يَرِثْ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَاءِ (ذُو فَرْضٍ إلَّا أَبٌ وَجَدٌّ يَرِثَانِ السُّدُسَ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِهِ وَإِنْ نَزَلَ) بِمَحْضِ الذُّكُورِ كَالنَّسَبِ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ وَارِثٍ فَاسْتُحِقَّ بِالْوَلَاءِ كَأَحَدِ الْأَخَوَيْنِ مَعَ الْآخَرِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ مِنْ الْأَبِ بَلْ هُمَا فِي الْقُرْبِ سَوَاءٌ، وَكِلَاهُمَا عَصَبَةٌ لَا يُسْقِطُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنَّمَا هُمَا مُتَفَاضِلَانِ فِي الْمِيرَاثِ فَكَذَلِكَ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ.(وَيَرِثُ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ) الذُّكُورُ (إذَا اجْتَمَعُوا مِنْ الْمَوْلَى كَمَالِ سَيِّدِهِ) الْمُعْتِقِ لَهُ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْعُصُوبَة وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.(وَ) الْحَاصِلُ أَنَّهُمْ (إنْ زَادُوا) أَيْ الْإِخْوَةُ (عَنْ اثْنَيْنِ فَلَهُ) أَيْ الْجَدِّ (ثُلُثُ مَالِهِ) أَيْ الْعَتِيقِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الثُّلُثَ (أَحَظُّ) لِلْجَدِّ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَتِيقِ ذُو فَرْضٍ (وَإِنْ نَقَصُوا) أَيْ الْإِخْوَةُ عَنْ اثْنَيْنِ (قَاسَمَهُمْ وَكَذَا بَقِيَّةُ مَسَائِلِهِ) إذَا كَانَ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ عَلَى (مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ) مَعَ الْإِخْوَةِ.(وَتَرِثُ عَصَبَةٌ مُلَاعِنَةٌ عَتِيقَ ابْنِهَا) لِأَنَّ عَصَبَةَ أُمِّهِ هُمْ عَصَبَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.(وَالْوَلَاءُ لَا يُوَرَّثُ، وَلَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُوقَفُ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ» وَقَالَ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ مَعْنًى يُورَثُ بِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ كَالْقَرَابَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتَقِ بِمَوْتِهِ (لَكِنْ يُورَثُ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَهُوَ الْكُبْرُ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ.(وَلَا يَجُوزُ) لِلْعَتِيقِ (أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَ مَوَالِيه) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ» (وَلَوْ بِإِذْنِ مُعْتِقِهِ) لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، فَلَا يَنْتَقِلُ.(فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَتِيقِهِ فَلَهُ) أَيْ السَّيِّد (وَلَاؤُهُ) أَيْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ، بَلْ (يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ) أَيْ الْمُعْتَقِ (إلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِ عَتِيقِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْكُبْرِ) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ.(فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ) الْمُعْتِقُ (عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ، فَإِرْثُهُ لِابْنِ سَيِّدِهِ) دُونَ ابْنِ ابْنِهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْكُبْرِ.(وَإِنْ مَاتَا) أَيْ ابْنَا السَّيِّدِ (قَبْلَ الْعِتْقِ وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الِابْنَيْنِ (ابْنًا وَ) خَلَّفَ الِابْنُ (الْآخَرُ تِسْعَةَ) أَبْنَاءٍ (ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ، فَإِرْثُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ كَإِرْثِهِمْ) جَدَّهُمْ (بِالنَّسَبِ) فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي الْمِثَالِ عُشْرُ التَّرِكَةِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَوْلِهِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَلِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَرِثُونَ الْعِتْقَ بِوَلَاءِ مُعْتِقِهِ لَا لِنَفْسِ الْوَلَاءِ.(وَإِذَا اشْتَرَى أَخٌ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا أَوْ) اشْتَرَيَا (أَخَاهُمَا) وَنَحْوَهُ (فَاشْتَرَى) الْأَبُ وَنَحْوُهُ (عَبْدًا) أَوْ مَلَكَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ (ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ) أَوْ الْأَخُ وَنَحْوُهُ (ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ الِابْنُ دُونَ أُخْتِهِ) أَوْ الْأَخُ وَنَحْوُهُ دُونَ أُخْتِهِ (بِالنَّسَبِ، لِكَوْنِهِ عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ فَقُدِّمَ عَلَى مَوْلَاهُ) بِخِلَافِ أُخْتِهِ.(وَغَلِطَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْت سَبْعِينَ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْعِرَاقِ عَنْهَا فَأَخْطَئُوا فِيهَا (وَلَوْ مَاتَ) الْعَتِيقُ (بَعْدَ) مَوْتِ (الِابْنِ وَرِثَتْ) بِنْتُ مُعْتِقِ الْمُعْتَقِ وَمَوْلَاتُهُ وَنَحْوُهَا (مِنْهُ) أَيْ الْعَتِيقِ (بِقَدْرِ عِتْقِهَا مِنْ الْأَبِ) أَوْ الْأَخِ وَنَحْوِهِ الَّذِي هُوَ مُعْتِقُ الْعَتِيقِ.(وَالْبَاقِي) مِنْ تَرِكَةِ عَتِيقِ عَتِيقِهَا يَكُونُ (بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعْتِقِ أُمِّهَا إنْ كَانَتْ) أُمُّهَا (عَتِيقَةً) وَإِنْ اشْتَرَيَا أَخَاهُمَا فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَمَاتَ الْأَخُ الْمُعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَخَلَّفَ ابْنَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْأَخِ دُونَ الْأُخْتِ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِي الْمُعْتِقِ فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا بِنْتَه فَنِصْفُ مَالِ الْعَبْدِ لِلْأُخْتِ، لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ مُعْتَقِهِ، وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الْأَخِ وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ.(وَمَنْ نَكَحَتْ عَتِيقَهَا فَأَحْبَلَهَا ثُمَّ مَاتَ فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدْ أُنْثَى فَلِي النِّصْفُ) لِأَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنَ، وَالْبَاقِي لَهَا تَعْصِيبًا.(وَ) إنْ أَلِدْ (ذَكَرًا) فَلِي (الثُّمُنُ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَعَ ابْنٍ وَلَا تَرِثُ بِالْوَلَاءِ مَعَ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ (وَإِنْ لَمْ أَلِدْ فَ) لِي (الْجَمِيعُ) لِأَنَّهَا تَرِثُ الرُّبْعَ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا.(وَإِذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَخَلَّفَتْ ابْنَهَا وَعَصَبَتْهَا وَمَوْلَاهَا فَوَلَاؤُهُ وَإِرْثُهُ لِابْنِهَا) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ النَّسَبِ، وَعَقْلُهُ عَلَى عَصَبَتِهَا وَابْنِهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَإِنْ انْقَرَضَ بَنُوهَا فَالْوَلَاءُ لِعَصَبَتِهَا) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ (دُونَ عَصَبَتِهِمْ) أَيْ عَصَبَةِ بَنِيهَا لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى إبْرَاهِيمُ قَالَ اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ فِي مَوْلَى صَفِيَّةَ فَقَالَ عَلِيٌّ مَوْلَى عَمَّتِي وَأَنَا أَعْقِلُ عَنْهُ وَقَالَ الزُّبَيْرُ مَوْلَى أُمِّي، وَأَنَا أَرِثُهُ فَقَضَى عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ بِالْعَقْلِ وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِالْمِيرَاثِ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ.وَمَنْ خَلَّفَ بِنْتَ مَوْلَاهُ وَمَوْلَى أَبِيهِ فَقَطْ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَال لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ مِنْ جِهَةِ مُبَاشَرَةِ الْعِتْقِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِ أَبِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَرِثْهُ بِنْتُ مَوْلَاهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ لِلْمُعْتِقِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ عَصَبَةٌ لَمْ يَرْجِعْ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ.وَمَنْ خَلَّفَ مُعْتِقَ أَبِيهِ وَخَلَّفَ مُعْتِقَ جَدِّهِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ مُعْتِقُهُ فَمِيرَاثُهُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ إنْ كَانَ ابْنَ مُعْتِقِهِ ثُمَّ لِعَصَبَةِ مُعْتِقِ أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ: أَنَّ ذَوِي أَرْحَامِ الْمُعْتِقِ لَا يَرِثُونَ عَتِيقَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ عَصَبَتُهُ وَ(قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ) الْعَتِيقُ (وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً) مِنْ النَّسَبِ (وَلَا ذَا سَهْمٍ) أَيْ فَرْضٍ (وَلَا كَانَ لِمُعْتِقِهِ عَصَبَةٌ) مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الْوَلَاءِ (وَرِثَهُ الرِّجَالُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِ مُعْتِقِهِ دُونَ نِسَائِهِمْ وَعِنْدَ عَدَمِهِمْ) أَيْ عَدَمِ الرِّجَالِ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِ مُعْتِقٍ يَكُونُ مِيرَاثُهُ (لِبَيْتِ الْمَالِ)..(فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ): (مَنْ ثَبَتَ لَهُ وَلَاءُ رَقِيقٍ بِمُبَاشَرَةِ عِتْقٍ أَوْ سَبَبٍ) بِأَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِرَحِمٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَنَحْوِهَا (لَمْ يَزُلْ) وَلَاؤُهُ (عَنْهُ بِحَالٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ».(فَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ: مُعْتَقَةً) لِغَيْرِ سَيِّدِهِ (فَأَوْلَدَهَا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (لِمَوْلَى أُمِّهِ) الَّتِي هِيَ زَوْجَةُ الْعَبْدِ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ إذَا مَاتَ، لِكَوْنِهِ سَبَبَ الْإِنْعَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ حُرًّا بِسَبَبِ عِتْقِ أُمِّهِ (فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ) الَّذِي هُوَ الْأَبُ (انْجَرَّ وَلَاؤُهُ) أَيْ وَلَاءُ الْعَتِيقَةِ مِنْهُ عَلَى مَوْلَى الْأُمِّ (إلَى مُعْتِقِهِ) فَيَصِيرُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى الْعَتِيقِ وَأَوْلَادِهِ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا كَانَ مَمْلُوكًا لَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ وَارِثًا وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحِ ابْنِهِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يَنْقَطِعُ نَسَبُهُ عَنْ أَبِيهِ، فَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِمَوْلَى أُمِّهِ وَيَنْتَسِبُ إلَيْهَا فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ صَلُحَ الِانْتِسَابُ إلَيْهِ وَعَادَ وَارِثًا وَوَلِيًّا فَعَادَتْ النِّسْبَةُ إلَيْهِ وَإِلَى مَوَالِيه، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ الْمُلَاعِنُ وَلَدَهُ.وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ خَيْبَرَ رَأَى فِتْيَةً لُعْسًا فَأَعْجَبَهُ ظَرْفُهُمْ وَجَمَالُهُمْ فَسَأَلَ عَنْهُمْ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُمْ مَوَالِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأَبُوهُمْ مَمْلُوكٌ لِآلِ الْحُرَقَةِ فَاشْتَرَى الزُّبَيْرُ أَبَاهُمْ فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ لِأَوْلَادِهِ: انْتَسِبُوا إلَيَّ فَإِنَّ وَلَاءَكُمْ لِي فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: الْوَلَاءُ لِي، لِأَنَّهُمْ عَتَقُوا بِعِتْقِ أُمِّهِمْ فَاحْتَكَمُوا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ فَاجْتَمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ.وَاللُّعْسُ سَوَادٌ فِي الشَّفَتَيْنِ تَسْتَحْسِنُهُ الْعَرَبُ (وَلَا يَعُودُ) الْوَلَاءُ الَّذِي جَرَّهُ مَوْلَى الْأَبِ (إلَى مَوْلَى أُمِّهِ بِحَالٍ) فَلَوْ انْقَرَضَ مَوَالِي الْأَبِ عَادَ الْوَلَاءُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ دُونَ مَوَالِي الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَجْرِي مَجْرَى النَّسَبِ وَلَوْ انْقَرَضَ الْأَبُ وَآبَاؤُهُ لَمْ يَعُدْ النَّسَبُ إلَى الْأُمِّ فَكَذَا الْوَلَاءُ فَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ كَانَ وَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أَبِيهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ (فَإِنْ نَفَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ (الْأَبُ بِاللَّعَّانِ عَادَ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ فَإِنْ عَادَ) الْأَبُ (فَاسْتَلْحَقَهُ) لَحِقَهُ (وَعَادَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ) لِعَوْدِ النَّسَبِ إلَيْهِ.وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّ لِجَرِّ الْوَلَاءِ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ يَكُونُ الْأَبُ رَقِيقًا حِينَ وِلَادَةِ أَوْلَادِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ عَتِيقَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَأَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مَوْلَاةً فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا بِحَالٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ فَوَلَاؤُهُمْ لَهُ مُطْلَقًا لَا يَنْجَرُّ عَنْهُ بِحَالٍ وَأَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّقِّ لَمْ يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ بِحَالٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ وَمَوْلَى الْأُمِّ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ سَيِّدُهُ: مَاتَ حُرًّا بَعْدَ جَرِّ الْوَلَاءِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَوْلَى الْأُمِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ.(وَ) كَذَا (لَا يُقْبَل قَوْلُ سَيِّدٍ مُكَاتَبِ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَدَّى وَعَتَقَ لِيَجُرَّ الْوَلَاءَ) أَيْ وَلَاءَ وَلَدِهِ مِنْ مَوْلَى أُمِّهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَدَاءِ.(وَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ وَلَوْ قَبْلَ الْأَبِ أَوْ) عَتَقَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْأَبِ (لَمْ يَجُرَّ وَلَاءَهُمْ) أَيْ وَلَاءَ أَوْلَادِ وَلَدِهِ عَنْ مَوْلَى أُمِّهِمْ قَالَ أَحْمَدُ الْجَدُّ لَا يَجُرُّ الْوَلَاءَ، لَيْسَ هُوَ كَالْأَبِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَلَاءِ لِمُسْتَحِقِّهِ وَإِنَّمَا خُولِفَ هَذَا الْأَصْلُ لِمَا وَرَدَ فِي الْأَبِ، وَالْجَدُّ لَا يُسَاوِيه وَلِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ الْجَدُّ لَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُ وَلَدِهِ وَلِأَنَّ الْجَدُّ يُدْلِي بِغَيْرِهِ، فَهُوَ كَالْأَخِ.(وَإِنْ اشْتَرَى الِابْنُ) أَيْ ابْنُ الْمُعْتَقَةِ (أَبَا) الْعَبْدِ وَمَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (عَتَقَ عَلَيْهِ) بِالْمِلْكِ (وَلَهُ) أَيْ الِابْنِ (وَلَاؤُهُ) أَيْ وَلَاءُ أَبِيهِ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِمِلْكِهِ إيَّاهُ، فَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ.(وَ) لَهُ أَيْضًا (وَلَاءُ إخْوَتِهِ) مِنْ الْمُعْتَقَةِ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ (وَ) لَهُ أَيْضًا وَلَاءُ (مَنْ لَهُ) أَيْ الْأَبِ وَلَاؤُهُ (وَ) وَلَاءُ مَنْ (لَهُمْ) أَيْ إخْوَتِهِ (وَلَاؤُهُ) لِأَنَّهُ مُعْتَقُ الْمُعْتِقِ (وَيَبْقَى وَلَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الَّذِي مَلَكَ أَبَاهُ (لِمَوْلَى أُمِّهِ) لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَرِثُ نَفْسَهُ (فَإِنْ اشْتَرَى هَذَا الِابْنُ) الَّذِي هُوَ ابْنُ عَبْدٍ مِنْ عَتِيقِهِ (عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ) مَعَ بَقَاءِ الرِّقِّ عَلَى أَبِيهِ (ثُمَّ اشْتَرَى الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ) أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا (فَأَعْتَقَهُ ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ) أَيْ وَلَاءُ أَبِي مُعْتِقِهِ.(وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ) بِوَلَائِهِ عَلَى أَبِيهِ (فَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَاءُ الْآخَرِ) لِأَنَّ الِابْنَ مَوْلَى مُعْتِقِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَالْعَتِيقُ مَوْلَى مُعْتِقِهِ لِأَنَّهُ بِعِتْقِهِ أَبَاهُ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ (فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ وَابْنُهُ وَالْعَتِيقُ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّ مَوْلَاهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَا يَعُودُ إلَى مَوَالِي أُمِّهِ بِحَالٍ.(وَلَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدًا كَافِرًا فَ) أَسْلَمَ الْعَتِيقُ ثُمَّ (سُبِيَ سَيِّدُهُ فَأَعْتَقَهُ فَوَلَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْعِمٌ عَلَى الْآخَرِ بِخَلَاصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِالْوَلَاءِ فَإِنَّهُ كَمَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي النَّسَبِ فَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ كَذَلِكَ الْوَلَاءُ (فَلَوْ سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ فَرَقَّ) قَبْلَ إسْلَامِهِ (ثُمَّ أُعْتِقَ بَطَلُ وَلَاءُ الْأَوَّلِ وَصَارَ الْوَلَاءُ لِلثَّانِي) وَحْدَهُ لِأَنَّ السَّبْيَ يُبْطِلُ مِلْكَ الْأَوَّلِ الْحَرْبِيِّ، فَالْوَلَاءُ التَّابِعُ لَهُ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ بَطَلَ بِاسْتِرْقَاقِهِ فَلَمْ يَعُدْ بِإِعْتَاقِهِ.(وَلَا يَنْجَرُّ إلَى الْأَخِيرِ مَا لِ) الْمُعْتَقِ (الْأَوَّلِ قَبْلَ رِقِّهِ) أَيْ رِقِّ الْعَتِيقِ (ثَانِيًا مِنْ وَلَاءِ وَلَدٍ وَ) وَلَاءِ (عَتِيقٍ) ثَبَتَ وَلَاؤُهُمَا لِلْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَرَقَّ ثَانِيًا لِأَنَّهُ أَثَرُ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ.(وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا كَافِرًا فَهَرَبَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ) ثُمَّ أُعْتِقَ ثَانِيًا بَطَلَ وَلَاءُ الْأَوَّلِ وَصَارَ الْوَلَاءُ لِلثَّانِي وَلَا يَنْجَرُّ إلَى الْأَخِيرِ مَا لِلْأَوَّلِ قَبْلَ رِقٍّ ثَانِيَةً مِنْ وَلَاءِ وَلَدِ عَتِيقٍ لِمَا تَقَدَّمَ.(وَإِنْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فَهَرَبَ) الْكَافِرُ (إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سَبَاهُ الْمُسْلِمُونَ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ) لِأَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَجَازَ اسْتِرْقَاقُهُ كَمُعْتَقِ الْكَافِرِ وَكَغَيْرِ الْمُعْتَقِ (فَإِنْ) اُسْتُرِقَّ ثُمَّ (عَتَقَ عَادَ الْوَلَاءُ إلَى الْأَوَّلِ) مَالَ إلَيْهِ الْمُوَفَّقُ، لِحُرْمَةِ حَقِّ الْمُسْلِمِ.(وَإِنْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ) مُسْلِمًا (أَوْ) أَعْتَقَ (ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ) الْعَتِيقُ (وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ لَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الرِّدَّةِ (وَإِنْ اشْتَرَى) الْعَتِيقُ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا (فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ) لِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِرْقَاقِهِ (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا التَّوْبَةُ) إنْ قُبِلَتْ (أَوْ الْقَتْلُ) كَمَا يَأْتِي فِي كُلِّ مُرْتَدٍّ.
|